د.عصام الدين بدري يكتب.. النموذج السوداني

الأربعاء، 19 مارس 2025 09:59 م

د.عصام الدين بدري

د.عصام الدين بدري

يتساءل البعض ماذا بعد الحرب؟.. كيف يكون نظام الحكم ومصير التحول المدني؟
عند الحديث عن ما بعد الحرب يجب ان نتذكر أن هناك ثوابت لا يمكن تخطيها باي حال من الأحوال حتى لا نعيد إنتاج الأزمة.

هذه الحرب فرصة لإعادة ترتيب البيت ومعالجة سلبيات الممارسة السياسية منذ الاستقلال حتى نخرج من دائرة التخبط والفوضى التي أدت لفشل الحكومات المتعاقبة.

فرصة لقيام دولة القانون الدولة الراشدة التي يكون أساسها المواطنة والانتماء 
لا يمكن العودة لنظام ما قبل 15 أبريل 2023 فقد سقطت مكوناته في امتحان الوطنية والانتماء وتمايزت الصفوف وظهرت الحقيقة واصبح مستحيلا قبول تلك القوى السياسية الضعيفة في المشهد السوداني. تلك القوى غير المؤهلة والتي لا تملك برنامجا ولا رؤية لحكم السودان فانتجت لنا حكما دكتاتوريا قائما على الإقصاء إنتهى بنا إلى حرب الكرامة.

التوافق الوطني مسألة حتمية وضرورة للحفاظ على الدولة السودانية بكل مكوناتها تاريخها وجغرافيتها وهو أمر ممكن ان تقوده المؤسسة العسكرية باعتبارها الأكثر قومية والمؤسسة الوطنية المتماسكة في الدولة السودانية.

طبيعة المرحلة القادمة تتطلب شخصيات وطنية ملهمة تتمتع بالقبول وسط الشعب السوداني واعتقد ان هذه الحرب وتداعياتها خلقت نوع من الكاريزما لدى القيادة الحالية تؤهلها لقيادة هذه المرحلة ويظهر ذلك من خلال توحد الجبهة الداخلية واصطفاف الشعب السوداني خلف القوات المسلحة -هذه الكاريزما المفقودة وسط القيادات السياسية - انها مرحلة حرجة نعول عليها لتأسيس الدولة السودانية بالصورة المطلوبة وتوحيد الجبهة الداخلية.

يتحدث الناس عن النماذج من حولنا ويريدون اسقاطها على الحالة السودانية كالنموذج المصري أو الرواندي او غيرها من انظمه الحكم التي جاءت بعد توترات ونزاعات داخلية لكن فات على هؤلاء ان الحالة السودانية مختلفة تمامآ عن تلك الدول طبيعة الصراع ومآلاته وتداعياته وما نتج عنه من دمار وشرخ على مستوى النسيج الاجتماعي يستدعي وجود حكومة مهام توافقية تعبر عن إرادة الشعب السوداني حكومة متماسكة تقود مرحلة انتقالية لا يهم كم يطول امدها بقدر ما يهم من تنفيذها المهام المطلوبة منها.

نحن أمة طابعها التنوع الذي يميزها عن الآخرين هذا التنوع الذي اخفقت الحكومات والأحزاب السياسية في إدارته بالصورة المطلوبة وحولته من تنوع لخلاف أقعد الدولة وأدخلها في صراعات داخلية وجعلت الفرصة سانحة للتدخل الخارجي.

ختاما أقول أن النموذج السوداني هو الحل نموذج يبدأ بالحوار السوداني السوداني وينتهي بالتوافق الوطني.

search