محمد بشير ابونمو يكتب: كبير العائلة لأسرة " دِبّى " يذّكر التشاديين برمزية مدينة الفاشر ليس لاهل دارفور فحسب وبل لاهل تشاد انفسهم !!

فى المجتمعات الأفريقية والعربية تظهر معادن الرجال وعقلائهم عند الأزمات ، لا توجد الان فى المنطقة الأفريقية حِدة علاقة مهددة بالانفجار كالعلاقة بين السودان وجارتها وشقيقتها تشاد ، وذلك نتيجة لخروج الرئيس محمد ادريس دبى ( محمد كاكا ) عن المتعارف عليه فى ادارة العلاقة بين السودان وتشاد ، بالوقوف مع المعتديين على شعب السودان وحكومته . 

كبير عائلة الرئيس السابق ادريس دِبى ، المهندس / دوسة دِبى اتنو ، وزع يوم امس تسجيلاً صوتياً مهماً شرح فيه تفاصيل دقيقة كيف انهم ، فروا من تشاد فى بداية التسعينات من القرن الماضى  الى السودان عندما استهدفهم الرئيس الأسبق حسين هبرى 

وعبروا الحدود إلى دارفور وقصدوا شخصيات مجتمعية بعينها فى دارفور ، بدءً من مدينة سِربا ثم الجنينة وزالنجى ونيالا ثم الى الفاشر والانتقال الى الخرطوم فوراً من هناك ، وكيف ان السلطة المركزية فى الخرطوم قد استقبلتهم خير استقبال وجهزوا لهم دعم عسكري بحمولة ستة طائرات نزلت الفاشر فى اليوم الثانى ، بالإضافة إلى تجهيز طائرة خاصة لنقل المارشال ادريس دبى ورفيقه السيد عباس كوتى إلى " سرت " بليبيا لمقابلة الزعيم الليبى انذاك العقيد القذافى ، والذى لم يتردد فى تقديم الدعم العسكرى لهم كثوار ، وفى غضون ١٧ يوم فقط منذ فرارهم من انجمينا ، تجمعت لديهم عتاد عسكرى ضخم فى منطقة " عين سيرو " وبدعم بشرى اساسى من اهل دارفور تحركت القوة وهزمت كل ارتكازات قوات حسين هبرى واستولت على السلطة فى تشاد ، هذا باختصار كيف ثار المارشال ادريس دبى على حكم الدكتاتور حسين هبرى وكيف أنه وبمساعدة السودان تمكن من حشد رجال وعتاد عسكرى فى غضون سبعة عشرة يوما فقط وأصبح جاهزاً لاسقاط حكم الدكتاتور وقد نجحوا فى ذلك . 

لاسباب ربما لعدم إجادته للغة العربية الفصيحة اختار المهندس دوسة دبى تسجيلاته بلغة الزغاوة ، والا كان مفعوله سيكون اقوى على الشعب السودانى فى هذا الظرف الذى تتعالى فيه أصوات كل السودانيين للحاق الفاشر وفك حصار المدينة وتأمينها ومنع اسقاطها ، وربما خصّ المهندس دوسة دبى تسجيله لاهل دارفور تضامناً معهم فى هذا الظرف المفصلي من العدوان على السودان وتذكير اهل الحكم فى تشاد بدورهم السلبى المتزايد . عموماً تسجيل المهندس دوسة حمل فى طياته رسالتين مهمتين ، واحدة للشعب التشادي وأخرى مهمة للسلطة الحاكمة 

الرسالة الاولى للشعب التشادي هى انه عندما ضاق الثوار من من حركة " امباس" من بطش سلطة حسين هبرى وقرروا الهروب الى خارج البلاد ، لم يعبروا نهر شارى والاتجاه غرباً نحو نيجيريا او النجير او الكميرون او حتى شمالاً إلى ليبيا ولكنهم قطعوا الفيافى وعبروا الحدود إلى دارفور وفى اقل من ثلاث اسابيع صاروا جاهزين للقتال للاستيلاء على السلطة فى تشاد ، ومثل هذه السانحة لا تتوفر إلا فى السودان عكس البلاد المذكورة الاخرى ، وهذا درس ربما لم يستوعبه حتى الان الرئيس محمد كاكا ، وقد فصّل المهندس دوسة مطولاً كيف ان احد كبار اسلافهم وزعمائهم قد استجار بسلطان على دينار فى مدينة الفاشر وبقى فيها حتى توفاه الله بوباء الجدرى ودفن فى الفاشر ، وهو يلمح كيف ان احداً من حكام تشاد ( ومن نفس الاسرة ) يفكر فى اسقاط مدينة هى حاضرة فى التاريخ فى اذهان التشاديين !

الرسالة الأخرى والمهمة كانت موجهة من طرف خفى لابنه الرئيس محمد كاكا ، وذلك عندما قال فى نهاية تسجيله انه لا يهمه بما يقال عن هذه التسجيلات ، ولكنه يؤكد أموراً محددة ويمكن تلخيصها فى ثلاث نقاط جوهرية وهى  : 

النقطة الاولى : ان قضية دارفور الحالية هى قضية الشعب التشادي ، اى ان الشعب التشادي ضد الاعتداء على السودان وشعبه ، وخاصة شعب دارفور التى تربطها بتشاد علاقات الدم والجيرة 

النقطة الثانية : انه لولا شعب دارفور والشعب السودانى لما بقى الحكم الحالى فى تشاد ، وان ما يحصل الان فى السودان وفى دارفور خاصة هو تهديد لبقاء السلطة الحالية فى تشاد

النقطة الاخيرة والمهمة : إذا كان هنالك دور للحكم والشعب التشادي ان يلعبه لايقاف الحرب الحالية فى السودان ، هو لمحاولة الاصلاح بين المتحاربين وليس بالوقوف مع احد الأطراف لمقاتلة الطرف الاخر وهذا ما يفعله الان للأسف الريس محمد كاكا وواضح ان عمه دوسة دبى ضد هذا التوجه . 

مع شكرنا الجزيل للباشمهندس  دوسة لإظهار  هذا الموقف الايجابى تجاه السودان ، يمكننا فى ختام هذا المقال ان نطرح عليه السوال التالى :

لقد طال أمد الحرب منذ ١٥ أبريل  ٢٠٢٣ ومستمرة حتى الان ،  وحدثت فظائع لا يتصورها العقل من قبل الذين تسندهم  حكومة تشاد ، وهذه الفظائع ارتكبت حتى فى مناطق قريبة من حدود تشاد مثل الجنينة ، اذن ما الذى منع المهندس دوسة دبى أن يسكت طول هذه الفترة ؟ !!