د. عصام بدري.. نظرة لما بعد الحرب

الثلاثاء، 11 فبراير 2025 12:42 ص

عصام بدري

عصام بدري

ستنتهي الحرب و سينتصر السودان بجيشه و شعبه و يتعافى الوطن فبعد الحروب دائمآ تتعافي الدول و تنهض ذلك لأن الحرب رغم ويلاتها و ما تخلفه من دمار و خراب إلا أنها تعيد الضبط على كافة الاصعدة خاصة على صعيد الممارسة السياسية فكثير من الممارسات الخاطئة تصبح غير مقبولة كما أنها تعيد تعريف مفهوم الوطن و القبيلة و المنطقة و الحزب لدى الكثيرين ممن خلطوا بين هذه المفاهيم و نحن في السودان حري بنا أن نستفيد من هذه الحرب و نخرج منها بدروس نستعين بها في إدارة شئوننا في المستقبل . علينا اولآ ان نحسن نهايتها و ان نخرج منها بجيش واحد متماسك قوي بمعداته و اسلحته المتطورة يعتمد عليه في حفظ الأمن الوطني و مقدرات و مكتسبات البلاد.  فنحن دولة غنية بمواردها الطبيعية تتميز بتنوع فريد عرقي ديني و إثني تعدد حتى في المناخ جتى التضاريس و الجغرافيا اراضي زراعيه شاسعة و مراعي طبيعية فريدة و حياة برية متنوعة فبلادنا تجمع بين الغابة و الصحراء و السافنا الأنهار و الأودية و ساحل البحر الأحمر بطول أكثر من ٧٥٠ كلم  يتميز عن غيره بطبيعته الغنية بالحياه البحرية و الشعب المرجانية بالإضافة إلى البترول و الغاز في الأعماق..

ماذا ينقصنا بعد أن تضع هذه الحرب اوزارها سوى الاتفاق و التنادي إلى كلمة سواء يحدونا إلى ذلك حب الوطن و الحرص على وحدة ترابه و شبابه .

ستظل هذه الكلمات أحلاما ما لم نسعى لتحقيقها وهناك  أعمال و قرارات ما لم ننفذها فلن يتحقق شيء و ربما عادت الحرب بثوب جديد و عدو أخطر. 

لا بد من النظر في تاريخ الدول التي نهضت بعد الحروب  الصين بعد استقلالها من اليابان أمريكا و اسبانيا بعد الحرب الأهلية و رواندا بعد الحرب العرقية الطاحنة و غيرها من الأمثلة

لا شك في أن الحرب تؤدي إلى ضعف الدولة و إنهيار مؤسساتها و الانفلات الامني لذلك لا بد أن  تكون  القيادة قوية في مواقفها متشددة في عملية فرض هيبة الدولة و لابد أن تكون الحكومة رشيدة قادرة و حريصة على إنفاذ  القانون تضبط دواوين الدولة و عجلة العمل التنفيذي .

لسنا مطالبين بالاستعجال للعملية السياسية و التحول المدني فالاستعجال هنا مضر و اشبه بعملية خياطة الجروح قبل نظافتها فنحن هنا نتحدث عن تحول ديمقراطي يأتي بعد حرب و ليس بعد ثورة في ظروف سلم فهناك بون شاسع. 

من المؤسف أن يتحدث البعض عن الحرب و كأنها مباراة في كرة القدم تنتهي بصافرة الحكم متجاهلين طبيعة الحرب و مآلاتها و ما تحدثه من شروخ في جسم الوطن كيف لشخص أن يطالب الحكومة بتصور كامل لمستقبل العملية السياسية في البلاد و الحرب لا زالت تدور رحاها هذا تغريد خارج السرب فهناك مياه كثيرة جرت تحت الجسر  و تغيير كبير عن ما قبل الحرب سيشمل حتى الفاعلين السياسيين . الغريب ان خارطة الطريق واضحة و متفق عليها و لكن متى سيبدأ التنفيذ هذا هو السؤال؟ و الإجابة أيضآ واضحة و قيلت في أكثر من منبر و هي أن لا حديث عن العملية السياسية قبل انتهاء الحرب و هذا هو حديث العقل و يصادف هوى الشعب .

مع التركيز على فرض هيبة الدولة و إعادة بناء مؤسساتها هناك أمور لابد منها للانطلاق و النهوض والتقدم فنحن مطالبون بكشف العملاء و الخونة و كل من تسبب في إشعال هذه الحرب و زاد نيرانها و محاكمتهم وهنا نقصد بالطبع الرؤوس و القادة أصحاب الأجندة الخاصة . و لابد من إرجاع الحقوق الخاصة و تحقيق العدالة بأقصى ما يمكن لان ضياع الحقوق يوقر الصدور و يبقي الغبن في النفوس . و من أوجب الواجبات قيام المصالحة العامة داخل البلاد و التي لا تستثني أحدا و لا طائفة و علينا حشد كل رصيدنا السياسي الاجتماعي الأهلي العرفي و الديني لتحقيق ذلك و هذا الأمر يحتاج لمجهود كبير و هنا يأتي دور النخب و العلماء و الحكماء 

بقي أن نشير إلى أن الخارجية سيكون لها دور كبير في نهضة البلاد و إعادة التعمير و يبدأ ذلك من إعادة النظر في علاقاتنا الخارجية و ضبطها بميزان المصالح و القيم و هنا أشير إلى ضرورة السعي إلى عقد التحالفات الاستراتيجية و التكتيكية التي تحفظ للدولة امنها و هيبتها .

ختاما أقول كفى بالحرب واعظا .. أن الحرب ستنتهي ولكن قضيتنا هي كيف سنعمل بعد الحرب .

search