شول لام دينق يكتب: سلفاكير ميارديت.. هل يواجه معركته الأخيرة؟

الثلاثاء، 18 مارس 2025 03:05 م

شول لام دينق

شول لام دينق

بعد شهر يونيو المقبل، قد نجد أنفسنا، شمالًا وجنوبًا، نكتب عن الرئيس السابق “سلفاكير ميارديت” الذي سحق شعبه تحت جنازير المدرعات، ولم يترك لهم حيلة، كما تنبأ “نقودينق بونق” في نبوءته الشهيرة.

عقلية رجل المخابرات

بعقليته الاستخباراتية، أغلق الرئيس سلفاكير كل طرق الوصول إليه، سواء بالنصح أو بالحرب. لقد كتبنا سابقًا أن سلفاكير قاد البلاد إلى الحضيض، مستغلًا وتر القبيلة، حتى لم يعد شعب جنوب السودان يتفق على مصير مشترك. أصبح الشعور القومي مفقودًا، وكل قبيلة تقف ضد الأخرى.

الإيمان بنبوءة “نقودينق بونق”

نقودينق بونق (Ngundeng Bong) هو زعيم روحي وشخصية تاريخية بارزة في ثقافة قبيلة النوير، عاش في القرن التاسع عشر واشتهر بنبوءاته التي ما زالت تُذكر حتى اليوم. يُقال إنه بنى أول وآخر هرم في جنوب السودان قبل أكثر من 100 عام، وكان لهذا الهرم دور في ترسيخ مكانته الدينية والروحية بين أتباعه. بعد وفاته عام 1906، قاد ابنه تمردًا ضد الاستعمار البريطاني بين عامي 1913 و1917، مستخدمًا مقتنيات والده الروحية، مثل النقارة والعصا المقدسة، لتعزيز الروح المعنوية لمقاتليه.

يؤمن سلفاكير بنبوءات “نقودينق”، ويتحدث لغة النوير بطلاقة، ما يجعله مدركًا تمامًا لدلالات هذه التنبؤات. وتقول الأسطورة إن الحرب الأخيرة ستندلع بعد أن يدخل سلفاكير قادة النوير السجن. في السابق، اعتقدت النوير أن “السجن” يرمز إلى مدينة جوبا بعد اتفاقية الخرطوم المنشطة، لكن تبين لاحقًا أن المقصود هو السجن الفعلي. طبيعة الأساطير تجعل الناس يعرفون النص، لكن تفسيرها الدقيق لا يتضح إلا بعد حدوثها.

الحشود الأوغندية

كما أشرنا سابقًا، بعد أحداث الناصر، ألقى سلفاكير خطابًا تخديريًا، وتبع ذلك حشد للجيش الأوغندي، الذي يتميز ببشرة داكنة مشابهة لبشرة الدينكا. تم جلب حوالي مئة دبابة ومدرعة، مما أثار امتعاض عناصر الجيش الشعبي عند رؤية فيالق الجيش الأوغندي.

أدرك سلفاكير أن كل قبائل الجنوب ستثور ضده في ثورة شعبية مسلحة، وأن المعركة ستحسم بسرعة قبل نزول المطر في السافانا الفقيرة، مسرح العمليات.

التوترات الأخيرة واعتقالات قادة النوير

في 5 مارس الجاري، شنت الاستخبارات العسكرية لحكومة سلفاكير حملة اعتقالات واسعة استهدفت قادة بارزين في الحركة الشعبية بقيادة رياك مشار، وكان من بين المعتقلين رئيس هيئة الأركان بالجيش الشعبي غابرييل دوب لام، إلى جانب وزير النفط وبناء السلام. كما طالت الاعتقالات عائلات المعتقلين وحراسهم الشخصيين. ولم تصدر أي تصريحات رسمية توضح أسباب هذه الخطوة.

خاتمة

مع استمرار هذه التوترات والاعتقالات، يتساءل الكثيرون عن مستقبل جنوب السودان. هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخ البلاد؟ وهل ستتحقق نبوءة “نقودينق” بحذافيرها؟ الأيام القادمة ستكشف لنا الكثير.

search