د.عصام بدري.. التوافق الوطني (1)

الثلاثاء، 11 فبراير 2025 12:45 ص

د.عصام بدري

د.عصام بدري

ستنتهي الحرب فماهي الدروس المستفادة منها ؟ و كيف لنا ان نجعل منها معبرا نحو التقدم و التطور ؟ الحروب دائما تكون فرصة كبيرة لتوحيد الجبهة الداخلية و رفع الحس الوطني  حيث لا صوت يعلو فوق صوت الوطن .. إن وقوف الشعب خلف قواته المسلحة و التأييد الكبير لها ولقيادتها و هذا التداعي العظيم لأبناء الوطن للمشاركة في معركة الكرامة أمر يدعو للفخر و الاعتزاز و يجعلنا لا نعتد كثيرا بالأصوات النشاز فأولئك قوم اختاروا معاداة شعبهم ووطنهم فانتحروا في طريق بحثهم عن السلطة .

هذا الاصطفاف الوطني حول المؤسسة القومية يجب استثماره من أجل الوحدة الوطنية و علينا الا نتوقف كثيرآ في المربع الأول فالتزامن في العمل مطلوب و حتمي في هذه الظروف و يجب أن تسير معركة الوعي  الإعلام الدبلوماسية الاقتصاد جنبا إلى جنب مع معركة البندقية حتى إذا توقفت البندقية قام الناس إلى قضايا الوطن و غايته.

إن غياب الرؤية الشاملة و التركيز فقط من أجل تحقيق انتصار للمؤسسة العسكرية في معركة الكرامة وسيادة الدولة، والعمل على دحر التمرد والعدوان الذي وقع عليها وسائر المجتمع السوداني - دون النظر في الجوانب الأخرى المرتبطة بالجانب العسكري والأمني- أمر معيب فيه إغفال لأدوات مهمة لم ننتبه لها فهذه الحرب وجودية تستهدف جيشنا و شعبنا و أمننا و سيادتنا و اقتصادنا و مجتمعاتنا ووحدتنا الوطنية

السياسيون و الإعلاميون وكثير من القيادات الشعبية والرموز الوطنية، ظلّت اسيرة لمشروع الانتصار العسكري فقط، لا أحد ينظر لما بعدها  .

الانتصار العسكري لا يمثل نهاية معركة الكرامة والاقتتال في السودان و البندقية وحدها لا تحسم صراع و بنهاية هذه الحرب سيكون هناك نصر كبير للجيش السوداني و لكنه بالطبع لن يكون حاسما وحتى يعم الامن و السلام فإننا نحتاج وبصدق أن ندفع نحو نقل مشروع النصرة الوطنية من حالة الإستكانة إلى الانتصار العسكري إلى آفاق أوسع عبر التفكير الاستراتيجي في ما بعد الحرب و معالجة آثارها و أسباب قيامها و هذا الامر يستدعي تأسيس مشروع وطني جميعنا شركاء فيه وبجهد تضامني مشترك للتصدي للعدوان الواقع علينا بجوانبه المختلفة ووسائلة المتعددة ينتهي  هذا المشروع بوحدة وطنية وسلم اجتماعي ونظام سياسي مدني ووطني..

نحتاج إلى مشروع وطني متكامل وواضح المعالم، وبجوانب متعددة عسكرية-أمنية، سياسية-مدنية، دبلوماسية-رسمية، وأخرى شعبية بحيث ينخرط تحت لوائه كافة الفئات المجتمعية، يفضي إلى تحقيق الوحدة الوطنية و التوافق الوطني المنشود وبجهود وطنية خالصة.

المشروع الوطني يجب ان تقوده الدولة في أعلى مستوياتها تأسيسا و تخطيطا و تنطيما و متابعة تستدعي له كل الطاقات و كل الكفاءات و لا شك أن للإعلام دور كبير في هذآ المشروع و وزارة الإعلام ستكون راس الرمح لحشد الناس حوله كذلك وزارة التربية و التعليم العالي و مؤسساتها و الضمان الاجتماعي و المؤسسة العسكرية و قادنها و الإدارات الأهلية و الرموز الوطنية. 

ختاما أقول أن هذه الحرب درس،قاسي و تجربة مريرة يجب نتعلم منها و ننطلق إلى الأمام

نواصل

search