الإمارات وخطتها البديلة.. جنوب السودان يوغندا وكينيا والاضرار بالسودان | تقرير

الإثنين، 31 مارس 2025 11:21 ص

السودان

السودان

يجب على أي شخص من قبيلة النوير مشاركة هذه التقارير الاستخباراتية الشاملة، التي تكشف كيف تعمل أوغندا وكينيا ونظام جوبا على زعزعة استقرار السودان. كما توضح حقيقة أن قوات الدعم السريع، التي كانت في السابق قوة شبه عسكرية سودانية وأصبحت الآن جماعة إرهابية، تتواجد حاليًا في الولايات الحدودية لجنوب السودان، مثل شمال بحر الغزال، أعالي النيل، منطقة روينق الإدارية، وكذلك في ولايات الوحدة وغرب بحر الغزال، بما في ذلك مقاطعة راجا.

جنوب السودان: ساحة حرب إقليمية وليس مجرد نزاع داخلي

لم يعد جنوب السودان مجرد دولة في حالة نزاع، بل تحول إلى منصة للحروب الإقليمية والاستغلال. لم يعد ساحة صراع داخلي، بل أصبح منطقة لحرب إقليمية، واستخراج استراتيجي، وتجارب أجنبية. أصبح الفاعلون المحليون مجرد أدوات في أيدي القوى الإقليمية، وأصبح "مسار السلام" مجرد أداء شكلي، حيث تدير النزاع أنظمة إقليمية ومشترون عالميون يرون جنوب السودان ممرًا، وليس بلدًا.

إلهاء مشار

رياك مشار قيد الإقامة الجبرية في جوبا، وليس ذلك من أجل السلام أو الاستقرار، بل لإزاحة شخصية لم تعد ذات فائدة. احتجازه رسالة واضحة بأن اللعبة السياسية في جنوب السودان تجاوزت فصائل الحركة الشعبية في المعارضة والحكومة، وأن هناك ترتيبات جديدة يتم فيها تصفية اللاعبين القدامى لصالح لاعبين جدد في نظام محكم مسبقًا.

حرب السودان أصبحت مشكلة جنوب السودان

تستعيد القوات المسلحة السودانية السيطرة تدريجيًا على الخرطوم، بينما بدأت قوات الدعم السريع بالتفكك. مقاتلوها يتراجعون، يعيدون تجميع صفوفهم، ويتغلغلون بعمق في أراضي جنوب السودان. شوهدت عناصرهم في أعالي النيل وأجزاء من شمال بحر الغزال، يحملون الأسلحة والمعادن، ويحظون بدعم خارجي هادئ.
هؤلاء المقاتلون ليسوا مجرد ناجين؛ بل يتم استخدامهم كأدوات لإبقاء الحرب السودانية مشتعلة عبر الحدود.

أوغندا وكينيا.. الموردان الرئيسيان

تحولت أوغندا وكينيا إلى الداعمين اللوجستيين لقوات الدعم السريع، حيث تزودانهم بالوقود والأسلحة والزي العسكري تحت غطاء المساعدات الإنسانية. تمر العمليات عبر نيمولي، إليغو، ولوكيشوجيو، وهي ممرات نشطة تُستخدم بمعرفة الدول المتورطة.
الإمارات العربية المتحدة تبقى المشتري الاستراتيجي، بينما تعمل أوغندا وكينيا كقواعد أمامية، وتستخدم قوات الدعم السريع كأداة، ويصبح جنوب السودان الساحة الرئيسية. يتم تهريب الذهب من دارفور وكردفان عبر هذه الطرق نحو العواصم في شرق إفريقيا، ومنها إلى دبي.

أوغندا ليست مجرد مورد.. بل مقاتل مباشر

يشارك جيش الدفاع الشعبي الأوغندي بنشاط في العمليات العسكرية داخل جنوب السودان، مستخدمًا المروحيات والطائرات لقصف مناطق في جونقلي وأعالي النيل. ويُشتبه في استخدام أسلحة كيماوية مثل "إيثيل أسيتيت" في الهجمات الأخيرة، التي تستهدف قبيلة النوير تحديدًا في حملة إبادة جماعية ضدهم، وكذلك ضد غير الدينكا.
هذه جرائم حرب، حيث يشكل استخدام المواد الكيميائية المحظورة والقصف الجوي للمناطق المدنية والاستهداف العرقي انتهاكًا للقانون الجنائي الدولي. لكن لا يوجد تحرك إقليمي أو دولي، لأن الصمت هو جزء من الاستراتيجية، والعنف مسموح به لأنه يخدم مصالح جيوسياسية.

كينيا في لعبة الذهب والمعادن

لم يعد الرئيس الكيني وليام روتو مجرد زعيم شرق أفريقي، بل أصبح شخصية محورية في شبكة الاستغلال الإقليمي. لديه مصالح معروفة في الذهب السوداني، وشركاؤه ينشطون في الخرطوم ونيروبي ودبي. في ظل قيادته، انتقلت كينيا من مجرد مراقب إلى مركز تجاري واستخباراتي لتدفقات المعادن.
الأمر نفسه ينطبق على جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يشارك النخب الكينية مع شركاء روانديين في استخراج المعادن النادرة من شرق الكونغو وتهريبها عبر الحدود، عبر ممرات جنوب السودان، حيث يتم إعادة تصديرها كسلع قانونية إلى الأسواق في الخليج وآسيا.

رواندا.. الهيمنة الصامتة على الكونغو وإفريقيا الوسطى

بينما تقاتل قوات الدعم السريع والجيش السوداني في السودان، وتشن أوغندا غارات على المدنيين في جنوب السودان، تنفذ رواندا بهدوء سيطرة على شرق الكونغو. تتحرك قواتها من خلال مجموعات وكيلة وانتشار مباشر، بهدف السيطرة على المناجم وتأمين طرق التجارة وإزالة أي معارضة محلية.
تمتلك رواندا بالفعل نفوذًا عميقًا في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تحرس قواتها مواقع استراتيجية وتدير شركاتها عمليات التعدين. والآن، يتوسع النمط نفسه ليشمل جنوب السودان، تحت غطاء وجود قوات الدعم السريع، لكن الهدف الحقيقي هو السيطرة على الأراضي والموارد.

ما هو دور رايلا أودينغا؟

تتردد شائعات عن أن رايلا أودينغا سيتولى دور الوسيط، لكن الحقيقة أن دوره سيكون رمزيًا، حيث أن كينيا نفسها جزء من المشكلة. يد الرئيس روتو متورطة في اقتصاد المعادن، وليس لدى نيروبي أي دافع لتغيير الوضع الراهن.
بالتالي، حتى لو قاد أودينغا محادثات السلام، فسيكون مجرد أداة بيد السفارات الأجنبية وأجهزة الاستخبارات الإقليمية، ولن تكون كلماته مؤثرة في الواقع.

النخب في جوبا أصبحوا مجرد متفرجين

لقد تم شراء صمت النخب السياسية في جوبا، حيث تؤجر أراضيهم للقوى الأجنبية والمليشيات، بينما يتعرض شعبهم للتهجير والقصف والمجاعة المنظمة. أصبحت الانتخابات بلا معنى، واتفاقيات السلام تُعدل حسب الحاجة، وتحولت المؤسسات إلى هياكل شكلية، ليبقى نظام أمني يخدم المصالح الأجنبية ويروج لروايات مدفوعة الثمن.

ما القادم؟

ستترسخ قوات الدعم السريع في ولايتي أعالي النيل والوحدة، مكونة ممرًا جديدًا نحو دارفور.

ستصعّد أوغندا عملياتها تحت ذريعة محاربة المتمردين، لكنها ستستهدف جماعات عرقية محددة.

ستزيد كينيا من دورها كواجهة مالية ودبلوماسية لغسيل المعادن.

ستوسع رواندا نفوذها في شرق الكونغو، وتمتد سرًا إلى جنوب السودان.

ستندلع انتفاضات شبابية في جوبا وواو ويي وتوريت، لكنها ستُسحق بالرقابة والاعتقالات والمجاعة.


الخاتمة

جنوب السودان ليس في حالة حرب، لكنه يُستخدم في الحرب. شعبه ليس مجرد ضحايا، بل رهائن. لم يعد الصراع يتعلق بتقاسم السلطة أو النزاعات القبلية، بل أصبح يدور حول السيطرة على طرق التجارة، والموارد المعدنية، والنفوذ الإقليمي.
حتى يقرر قادة جنوب السودان فضح المخطط بالكامل، سيظلون مجرد هامش في حرب ليست حربهم.
السؤال الحقيقي ليس متى سيحل السلام، بل: من لا يزال يمتلك جنوب السودان؟

search