عنوان المقال نظرة للمستقبل _ التوافق الوطني (4)

الخميس، 13 فبراير 2025 03:37 م

د. عصام بدري

د. عصام بدري

الناظر إلى تاريخ الصراعات و الحروب و تسلسل احداثها يجد انها تبدأ بالمعاناة و الوهن والنقص في الأموال و الانفس و الثمرات و في هذه المرحلة يظهر اصحاب الهمم و يتجلى ثبات القيادة و صمود الرجال و ايمانهم بعدالة قضيتهم و حبهم لوطنهم ثم تأتي مرحلة يكون فيها التماسك و الوحدة و الاصطفاف الوطني لمواجهة الخطر المحدق بالناس فيتنادى الناس للمقاومة و الجهاد و يتداعون من كل فج و كل لون وطيف و في هذه المرحلة يكون الحس الوطني عاليا و الشعور بالانتماء عظيما فيتعالى الناس،على خلافاتهم و يترفعون عن حظوظهم و ينصهرون في بوتقة الوطن فيكون ذلك سببا في النصر و طرد الأعداء و بسط الأمن في البلاد و لكن الشواهد تقول أن هذه المرحلة تعقبها مرحلة خطيرة  لانه ما إن تلوح بشارات النصر في الأفق حتى يتحسس الناس مواقعهم في ما بعد الحرب و يبحث كل منهم عن مصالحه و مكاسبه فيبدا بينهم التنازع من جديد. و هو أمر نحتاج أن نقف عنده و نحن نجد أنفسنا الان في هذه المرحلة او على اعتابها فمن ينتبه ؟؟ فهل سنسقط في درك الصراع و التنازع فنفشل فتذهب ريحنا .. لم أجد أعظم و ادق من التوصيف القرآني لهذه الحالة 
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)  الشعب السوداني و جيشه ضرب مثلا في الثبات و الصمود و التضحيات حتى دحر عدوه أما الآن فما احوجنا للصبر و التكاتف في هذه المرحلة .
لا صوت يعلو فوق صوت الوطن طريقنا واضح ولا مجال للخلاف لابد من الوفاق و تلافي السلبيات 
ان اكثر ما يغزي الخلافات و التنازع هو الاقصاء فاي حوار وطني يقوم في اي مكان يجب ان لا يستثني أحدا فالاحتكار هو الذي اوصلنا لهذا الحال كما أنه يجب ان يكون الحوار منسجما مع أشواق هذا الشعب و أهوائه يقرب من يحب و يبعد من يبغض خلاف ذلك ستكون الورش و المؤتمرات مدعاة للفرقة و التنازع و الشتات نتيجتها الفشل و إعادة إنتاج الأزمات
لم تنتهي الحرب بعد فليلتزم الرماة مواقعهم و ليقاتلوا الذين يلونهم و ليجدوا فيهم غلظة و شدة و لنوجه سهامنا للاعداء و لتكن خطاباتنا بالسنة حداد على العملاء و الخونة 
لم يحن الوقت بعد للحديث عن السلطة او الثروة و اي حديث او تراشق بالكلمات في هذآ الصدد يبعدنا عن الهدف الرئيس ويعتبر ردة و خيانة تؤدي للتنازع و الفشل 
طريقنا للدولة السودانية الناجحة و الرائدة يبدأ بهزيمة العدو و سحقه و من ثم الانخراط في مشروع وطني متكامل و شامل ينتهي إلى توافق وطني فعلينا الحفاظ على هذه الروح  الوطنية التي ظهرت وسط شبابنا و تنميتها بما يخدم قضية الوطن لا مصالح الأحزاب و الطوائف ..
نعلم ان طريق التوافق سيكون طويلا و ملئ بالعقبات ولكن يقولون ان الطريق الذي سيأخذك إلى ما تحب سيمر بك اولا على ماتكره و من سار على الدرب وصل و اول الطريق يجب أن يكون التصميم والعزيمه والتوكل وعدم النظر إلى الوراء هذا ما سيجعل الطريق اسهل بٱذن الله  ..

search